كود ذكر المصدر

الراديو

...

كود مشاركة المواضيع في الفيس وتويتر

اخر الاخبار

اترك رسالتك

تحديث

.

.

.

.

التوافق بين القوانين البشرية وقانون القرآن في التعامل مع الأديان ـ المستشارة ـ ميرفت الاحمد



التوافق بين القوانين البشرية وقانون القرآن  في التعامل مع الأديان



بقلم المستشارة / ميرفت محمود محمد الاحمد
محكم دولي فئة ج
خبيرة في إدارة الأعمال فئة ج
عضو نادي قضاة التحكيم الدولي " الأردن "

   أكتب ذلك وأنا لا أعد  نفسي متمكنة من العلوم الدينية، وأعد  نفسي صغيرة جدا أمام مشايخنا ممن تشرفت بسماع كلامهم  الطيب حفظهم الله،
ولكن أحسبني قد فهمت وتعلمت منذ صغري ما أعده  أصبح أبجديات  ثابتة لدي  حول الدين الإسلامي و تعامله مع الإنسان و احترامه والإحسان إليه وإكرامه كائن ما كان دينه وعدم الاعتداء عليه.

وهذا كله يعد مغاير لما تقوم به بعض الجماعات  المتطرفة والتي تدعي الإسلام وهي لا تمت للإسلام ولا لأي دين من الأديان السماوية بصلة  ولا يقرها  أي قانون بشري على الإطلاق، وإذا كانت تدعي الإسلام  فمن المفترض أن تستقي قوانينها وتعاليمها من القران الكريم وسنة نبيه الكريم فأين  هم من الكثير من الآيات الكريمة والآيات الشريفة التي وردت بهذا الشأن وتخالف كليا أساليبهم المتطرفة التي تمارسها في حق الآخرين كالتكفير والتعذيب  والغلو في القتل والتمثيل بالقتلى، وجاءت متوافقة مع طبيعة النفس البشرية والقوانين والأعراف الدولية التي تستنكر ذلك.

ومن جملة الأخطاء التي تقوم به هذه الجماعات نهجهم المتطرف مع قضية الأسرى،  بالرغم من أن لنا في  الرسول الكريم خير مثال على التعامل الحكيم معاها، فلا ننسى القصة التي أعتقد أن العديد منا يعرفها  والتي تعد مثلا يحتذى به على الإعمار وبناء الإنسان وهو طلب رسول الإسلام من كل أسير تعليم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة مقابل إطلاق سراحه وهنا يبرز دور العقيدة في الاهتمام بالإصلاح سواء للأسير الذي يقوم بدور ايجابي أو لمن تعلم على يده، وفي ذلك خير دليل على احترام الدين للآخرين  وإنسانيتهم وعدم إيذائهم.
فالدين  الإسلامي لم يترك شيئا صغيرا أو كبيرا إلا وتطرق إليه بالتفصيل ابتداء من الكلمة البسيطة   والتي راعى أن لا نؤذي الآخرين  بها ـ وإذا كان الإسلام يأمرنا بالتعامل الكريم وعدم إيذاء الآخرين بمجرد الكلام القاسي أو الفظ  في الدعوة إلى الله  ( ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ) ١،( وجادلهم بالتي هي أحسن )٢؟
فهل يأمرنا الإسلام بقتل الآخرين   إذا كان هذا حاله وموقفه من الإيذاء اللفظي فهل يكون هذا موقفه من الإيذاء الجسدي الذي تسلكه هذه التنظيمات وأي عاقل يصدق ذلك، بالتأكيد هذا ينافي منهج الإسلام في التعامل وينافي  الأخلاق الكريمة والتي إنما بعث الرسول الكريم ليتممها. وينافي أهدافه  التي يسعى إليها من الرقي  بنا وحثا على عمارة الكون لا هدمه وبناء الإنسان المتوازن لا قتله بل حرم وعظم حرمة قتل النفس البشرية دون ذنب وبين أهمية حمايتها والحفاظ عليها وهو لم يخص المسلم بهذا دون غيره كما ورد في سورة المائدة آيةرقم ٣٢ ( ..من قتل نفسا أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا).
  وفي سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم العديد من المواقف التي تدل على تعايشه واحترامه للآخر حتى ولو كان من غير دينه فقصته مع الجار اليهودي الذي كان يؤذي  النبي خير دليل على ذلك عندما افتقده وأخبروه بمرضه فزاره الرسول صلى الله عليه وسلم في بيته ليطمئن عليه بنفسه،  وقصته مع جنازة اليهودي التي مرت أمامه وأبدى احترامه لها كونها نفس  بشرية ووفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي وتولي عدد منهم مراكز إدارية في الدولة الاسلامية أيام الصحابة خير دليل على ذلك ..

أما بشأن المغالاة في قتل من هم على غير ديننا فأظن أن من أهم ما تعلمناه في مدارسنا ومنذ زمن بعيد هو ما كان يوصيه الرسول صلى الله عليه وسلم في حالة دخول المسلمين في الحرب

فمن ما أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم الجيش في غزوة مؤتة
حين قال: «أوصيكم بتقوى الله وبمن معكم من المسلمين خيراً، إغزوا باسم الله تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله، لا تغدروا ولا تغلوا ولا تقتلوا وليداً ولا امرأة ولا كبيراً فانياً ولا منعزلاً بصومعة ولا تقربوا نخلاً ولا تقطعوا شجراً ولا تهدموا بناءً».

- وقال رسول الله محمد صل الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (لا تقتلوا صبياً ولا إمراة ولا شيخاً كبيراً ولا مريضاً ولا راهباً ولا تقطعوا مُثمراً ولا تخربوا عامراً ولا تذبحوا بعيراً ولا بقرة الا لمأكل ولا تٌغرقوا نحلاً ولا تحرقوه).....

فمن ضمن جملة ما أوصى به الرسول الكريم من عدم قتل المدنيين وغيرهم والذي ما ينطق عن الهوى وإنما هو من وحي السماء وقد خصهم بالذكر هو الراهب في كنيسته أو العابد في صومعته ويقصد اذا لم يخيبني الظن اليهودي المتعبد في صومعته إذن فهو احترام المسيحي الذي يتعبد في كنيسته واليهودي في صومعته حيث أوصى بعدم قتلهم بالرغم أنهم  من أديان أخرى.
كما أن ليس من المنطق أن يأمرنا الدين بقتل ممن هم من غيرنا في الأديان كالمسيحين مثلا وقد قال فيهم الله الرحمن الرحيم في كتابه في سورة المائدة في الآيتين ٨٢و ٨٣ "ولتجدن أقربهم مودة للذين أمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون ، وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون آمنا فاكتبنا مع الشاهدين" .
 والحرب في الإسلام  كانت دائما اضطرارية  كرد العدوان والدفاع عن حرية العقيدة ورفع الظلم والتنكيل الذي قد يلحق بالذين اختاروا الإسلام دينا، ومع ذلك فقد كانت  عادلة لا تتجاوز في عقاب المحاربين أو من أرادوا  الخيانة، فلم تكن الحروب بهذه السهوله وهذا الإفساد الذي تقوم به الجماعات المتطرفة هذه الأيام.

  هذا هو ديننا الكريم وهذا هو رقيه ورحمته في التعامل مع من هم من غيرنا من الأديان وهناك  الكثير الكثير ممن لم يتسع المقام هنا لذكره من  الشواهد  والدلائل على ذلك ، فأين الجماعات المتطرفة من ذلك ، وأين نحن من تثقيف أنفسنا وأفراد مجتمعاتنا  من حقيقة قوانين السماء.

١- سورة ال عمران اية رقم ١٥٩
٢- سورة النحل اية رقم ١٢٥