كود ذكر المصدر

الراديو

...

كود مشاركة المواضيع في الفيس وتويتر

اخر الاخبار

اترك رسالتك

تحديث

.

.

.

.

الطعن في الحكم التحكيمي وفقـــًا للتشريع المغربي ـ للمستشار / عبد الفتاح الزيتوني


الطعن في الحكم التحكيمي وفقـــًا للتشريع المغربي



 للمستشار / عبد الفتاح الزيتوني
 عضو نادي قضاة التحكيم الدولي ـ المغرب
استــــاذ باحث دكتوراه
اختلف الفقه في تعريفه للتحكيم كل يبني تعريفه على نظرته لطبيعته القانونية، من خلال التعريفات نستخلص أن هناك تعريف شامل إلى حد ما وهو:
فالتحكيم نظام قانوني يتمثل في مسار موازي لمسار القضاء رسمه المشرع ليتم عن طريق حسم المنازعات التي تنشأ بين الأشخاص بحكم له حجية واجبة الإحترام و لكن من قبل أفراد عاديين هم المحكمون. إضافة إلى تعريف محكمة النقض المصرية: التحكيم طريق استثنائي بفض الخصومات قوامه الخروج عن طريق تقاضي العادي.، وقد عرفه كذلك الأستاذ الدكتور محمد الصعيدي: هو (نظام قضائي خاص يتفق بموجبه طرفي علاقة قانونية عقدية كانت أو غير عقدية  وذلك للفصل والحكم في نزاع قد نشأ أو قد ينشأ فيما بعد ويتولى عملية التحكيم أشخاص يتم إختيارهم كمحكمين ، ويتولى كلا من طرفي النزاع كلا منهما إختيار قاضيه (مُحكمه) أو اللجوء إلى هيئة التحكيم أو مؤسسة تحكيم أو منظمة تحكيم أو مركز تحكيم ينظم هو عملية التحكيم وفقــًا للوائحه الداخلية )

لا يمكننا إعطاء جميع التعاريف لكونها تختلف من إتجاه إلى آخر لكن اقتصرنا على التعريف الذي إعتبرناه ينطوي على معاني و غاية التحكيم.

ـ و الطعون هي رقابة قضائية فرضها المشرع حماية لحقوق الأفراد حتى لا تضيع من خلال حكم قد يشوبه خلل ما. لكن لا يقتصر الأمر على الطعون فقط بل قد تكون الرقابة القبلية قبل حكم التحكيمي سواء من طرف هيئة التحكيم أو من طرف القضاء الممثل في رئيس المحكمة سواء بصفته قاضي للأمور المستعجلة أو بناءا على اختصاصه المخول من طرف المواد 148، 149، 158 من ق.م.م.

و قبل الدخول في التحليل ما تم ذكره سابقا سوف نعطي لمحة موجزة على الطعون في قانون المسطرة المدنية:
تتضمن المسطرة المدنية الطعون الآتية:
الفصل 319: التحكيم لا يقبل أي طعن رغم هذا المبدأ فإن الإستثناء واسع لاعتباره يسمح بالطعن في أمر الرئيس بالاستئناف و لم يفرق فيه بين الأمر المانح أو الأمر الرافض و هو ما تم تفرقته في قانون التحكيم الجديد إضافة إلى الطعن بالبطلان والذي حصره المشرع في حالات معينة إضافة كذلك إلى إعادة النظر و التعرض الغير خارج عن الخصومة، و في الأخير النقض الذي يشمل إعادة النظر و أمر الرئيس وسوف نجد خلافا شاسعا بين ما هو كان سابقا في قانون المسطرة المدنية و قانون التحكيم الجديد الصادر في الجريدة الرسمية تحت رقم 08.05.
ينص القانون رقم 08.05. في فصله 31 – 327 على ما يلي:
"لا ينفذ الحكم التحكيمي جبريا إلا بمقتضى أمر بتخويل "الصيغة التنفيذية" يصدره رئيس المحكمة الصادر الحكم بدائرتها.
و الملاحظ من هذا الفصل أن الحكم التحكيمي يكون ذا طابع إجباري عندما يديل بالصيغة التنفيذية. أي أنه قبل تذييله لا تكون له القوة الإلزامية.
و من ثم فإن الطرف المحكوم عليه في حكم التحكيم يمكن له رفض الحكم قبل تذييله لأنه يكون اختياريا. و هذا خطأ، فالحكم التحكيمي يجب أن يكون ذا طابع جبري حتى و لو لم يتم تذييله بالصيغة التنفيذية.
لأن الإلزام لا يستمده الحكم فقط من تدخل القضاء و إنما يستمد قوته من الفصل 230 من قانون الالتزامات و العقود.
و على هذا الأساس يمكن الاستنتاج أن المشرع لم يسد هذه الثغرة و يعطي الإلزام لحكم التحكيمي بمجرد صدوره.
و الدليل على ذلك:
إذا ما أمكن للمحكوم عليه أن يمتنع على تطبيق هذا الحكم فإنه يسبب في التماطل و الذي هو العيب الأساسي في تجنب الأطراف له كأساس بامتناعهم عن عرض نزاعهم على القضاء و اللجوء إلى التحكيم.
وإذا نظرنا إلى المسطرة المدنية فإننا نجد الطعون قد نظمها المشرع في صنفين طرق الطعن العادية و هي التعرض و الاستئناف و طرق الطعن الغير العادية. النقض و تعرض الغير الخارج عن الخصومة و إعادة النظر.
لكن لا نجد مثل هذه الطعون يسمح بها المشرع في قانون التحكيم المغربي و لا باقي التشريعات الأخرى إلا استثناء بعض منها قد يسمح بها المشرع و كإستثناء من المبدأ.
ـ لأن المشرع ورد بنص صريح و فصيح في قانون التحكيم ينص على أن الحكم التحكيم لا يقبل أي طعن و قد وردت هذه العبارة في العديد من النصوص و من بينها: الفصل 3 من قانون المسطرة المدنية: "لا يقبل حكم المحكمين الطعن في أية حال" و كذلك في قانون التحكيم الجديد: الفصل 34-327. "لا يقبل الحكم التحكيم أي طعن مع مراعاة مقتضيات الفصلين 327.35 و 327.36 إضافة إلى الفصل 52- 327. الذي يرفض الطعن في الصيغة التنفيذية في فقرته الثانية التي تقول: "الأمر بتحويل الصيغة التنفيذية غير قابل للطعن".
لكن السؤال المطروح هل المشرع حافظ على هذا المبدأ في قانون التحكيم بحيث استثناه عن باقي الأحكام الباقية و الصادرة عن القضاء؟؟ أم أنه ورد استثناءات؟ و هل المسطرة المتبعة أما المحاكم هي نفسها المفروضة على الطعون التي تطبق على حكم التحكيم.
بعد دراسة نصوص القانون المتعلق بالتحكيم نجد المشرع قد سمح للأطراف في العقد أن يباشروا مسطرة الطعون العادية و منها ما يدخل ضمن الطعون العادية و منها ما يدخل ضمن الطعون الغير العادية إضافة إلى حالات أخرى نوردها ضمن التصميم التالي:

المبحث الأول: إمكانية الطعن في أمر الرئيس
فبالنظر إلى الهدف من الطعن بصفة عامة يبدوا أن تقرير حق المحكوم عليه في الطعن على حكم التحكيم الصادر ضده أمرا حتميا. رغم الاختلاف البسيط بين أحكام التحكيم عن الأحكام القضائية.
فأحكام التحكيم تصدر من أفراد عاديين لا يشترط أن يكونوا من القانون لكن يشترط فيهم علم بالموضوع أي موضوع النزاع و رغم ذلك تسند إليهم مهمة التحكيم وهي قضية مهمة يحميها المشرع حتى من التعرض للطعون.
و لا شك في أن هذا من شأنه أن يجعل من مراقبتهم عن طريق الطعن على أحكامهم ضرورة أكثر إلحاحا منها بالنسبة لأحكام القضاء، لاسيما و أن أحكام التحكيم تصدر متمتعة بحجية الأمر من أجل التحكيم.
بيد أن السماح بالطعن الوارد في النصوص التشريعية الجديدة المنظمة لقانون التحكيم نجدها متفرقة فمنها من تشير إلى السماح بالاستئناف خاصة في أمر الرئيس الصادر من أجل رفض تذييل الأحكام بالصيغة التنفيذية و منها أيضا ما تسمح بالنقض في قرارات محكمة الاستئناف الصادرة في مادة التحكيم، و أيضا ما يسمح بالطعن بإعادة النظر الغير الخارج عن الخصومة في الحكم التحكيمي.
و على هذا الأساس سوف نقوم بتوضيح أمر الرئيس و الحالات التي يسودها، بداية بحالة منح التذييل و نهاية عدم قبول التذييل و الطعن فيه من قبل الطرف المتضرر.

المطلب الأول: أمر الرئيس بمنح التذييل
لا ينفذ الحكم التحكيمي جبريا إلا بمقتضى أمر بتخويل الصيغة التنفيذية و لا يكتسب الحكم حجية الشيء المقضي به عندما يتعلق الأمر بنزاع يكون أحد الأشخاص المعنويين الخاضعين للقانون العام طرفا فيه، إلا بناء على أمر بتخويل الصيغة التنفيذية.
و في هذه الحالة طلب تخويل الصيغة التنفيذية من قبل الطرف أكثر استعجالا أمام القاضي المختص حسب ما سبق ذكره، مع تطبيق القواعد المتعلقة بالتنفيذ المعجل للأحكام على الأحكام التحكيمية التي لا يطالب في شأنها بصيغة التنفيذية.
و لتوضيح هذه المقتضيات السابقة يجب طرح الإشكالية التالية:
أولا ما هي الطبيعة القانونية للأمر بالتنفيذ؟.
ثانيا: ما هي الجهة المختصة؟ و هل يمكن تنفيذ هذا الأمر طبقا لمسطرة الاستعجال؟.
الفقرة الأولى: الطبيعة القانونية للأمر بالتنفيذ:
تتفرع اختصاصات القضاء بين اختصاص ولائي و اختصاص قضائي: فالاختصاص القضائي يمارسه القاضي عندما تعرض عليه منازعة عن طريق دعوى مرفوعة إليه من قبل الأطراف، فيتقابل هؤلاء في مواجهة أمامه فيبدي كل طرف ما يملكه من حجج و أدلة و وسائل دفاع، و يتم التحقيق بمختلف إجراءات التحقيق و بعدها يصدر القاضي حكمه الفاصل في الدعوى.
هذا الأمر تكون له حجية الأمر المقضي، و يكون قابلا للطعن فيه بطرق الطعن الغير المعروفة.
أما الاختصاص الولائي: فهو الأمر الذي صدره رئيس المحكمة أو من ينوب عنه بصفته الولائية بناء على طلب خصم في غيبة خصمه، و غاية المشرع من إحداث هذه الطريقة من التقاضي هو الإسراع باتخاذ إجراء مستعجل مخافة ضياع حق أو بغية مفاجأة الخصم باتخاذ إجراء معين كالحجز على أموال المدين قبل تفويتها أو نقلها من مكانها أو الحجز عليها بين يدي الغير قبل أن يسلمها هذا الغير لصاحبها المدين .
و تصدر الأوامر المبنية على طلب حسب الفصل 148 ق.م.م من رؤساء المحاكم الابتدائية في غيبة الأطراف و دون حضور كاتب الضبط و الأمر الصادر في إطار الاختصاص الولائي هو قرار قضائي لكنه صادر في غير منازعة و غياب الخصوم لذلك لا يحوز حجية الأمر المقضي و لا يطعن فيه بطرق الطعن العادية و إنما ترفع في شأنه دعوى أصلية .
و التساؤل المطروح في هذا الإطار هو هل الأمر الصادر من رئيس المحكمة القاضي بتنفيذ الأحكام التحكيمية يعتبر عملا ولائيا أم قبيل الأعمال القضائية أم أنه لا هذا و لا ذاك بل يعتبر عملا من طبيعة خاصة؟
لقد اختلفت الآراء بخصوص هذه المسألة، فذهبت ثلة من الفقه إلى أنه بالنظر إلى شكل الإجراء الذي يطلب به الأمر بالتنفيذ و الجهة التي يصدر عنها هذا الأمر المتمثلة في رئيس المحكمة بدل قاضي الموضوع، و بالنظر إلى المشكل الذي تتخذه إجراءات الأمر بالتنفيذ خارج قواعد المسطرة العادية، و بالنظر إلى غياب مواجهة بين الخصوم و مقارعة بينهم بالحجج و الوثائق، فإن كل هذا يدعو إلى القول بأن الأمر الصادر بالتنفيذ يكتسي طابعا ولائيا و لا يعتبر عملا قضائيا.
و في الاتجاه المعاكس ذهب فريق آخر من الفقهاء إلى اعتبار الأمر الصادر من رئيس المحكمة الابتدائية بالتنفيذ هو من قبيل قضاء المنازعات، و ذلك أنه إذا كانت الأوامر الصادرة بناءا على عرائض تعتبر من قبيل الأعمال الولائية، فإن كون رئيس المحكمة له سلطة التحقق من مدى مطابقة قرار التحكيم للنظام العام و ما دام باستطاعته رفض إصدار الأمر بالتنفيذ في حالة خرق حقوق الدفاع...
و في نفس الاتجاه خلصت محكمة "أورليون" إلى أن الأمر بالتنفيذ يكتسي طابعا قضائيا عندما صرحت "بان الإذن بالتنفيذ على الرغم من كونه صادر بناء على مجرد طلب فإن من أثره منح قرارات التحكيم الصيغة التنفيذية، و إذا كان حقا أن رئيس المحكمة لا يمكنه مراجعة جوهر القضية فإنه مع ذالك يملك سلطات واسعة ما دام أنه يستطيع التحقق من صحة السند المراد تنفيذه و البحث فيما إذا كان القرار يخرق النظام العام، و أن قراره يؤدي إلى خلق أوضاع تنفيذية نهائية قد تضر بحقوق أو مصالح الطرف الذي يتابع التنفيذ في مواجهته .
أم الاتجاه الثالث فقد اعتبر أمر رئيس المحكمة بتنفيذ قرار التحكيم يتميز بطبيعة خاصة، و ذهبت محكمة النقض الفرنسية في هذا الاتجاه عندما اعتبرت أن الأمر بالتنفيذ ليس عملا قضائيا و لا عملا ولائيا.
و السؤال المطروح هو: ما هي طبيعة اختصاص رئيس المحكمة بإصدار الأمر بتنفيذ قرار التحكيم في التشريع المغربي، هل يدخل ضمن مقتضيات الفصل 149 م.م كقاضي للمستعجلات أم يندرج ضمن الفصل 148 م.م. في إطار الأوامر المبينة على طلب أم أنه يدخل في اختصاص رئيس المحكمة بنص خاص؟
من غير المنطق أن يكون اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية للنظر في طلب الأمر بالتنفيذ مصدره الفصل 149 من ق.م.م. ذلك لأن مؤدى هذا الفصل هو أنه:
"يختص رئيس المحكمة الابتدائية وحده بالبت بصفته قاضيا للمستعجلات كلما توفر عنصر الاستعجال في الصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيذ أو الأمر بالحراسة القضائية، أو أي إجراء آخر تحفظي سواء كان النزاع في الجوهر قد أحيل على المحكمة أم لا، بالإضافة إلى الحالات المشار إليها في الفصل السابق و التي يمكن لرئيس المحكمة الابتدائية أن يبت فيها بصفته قاضيا للمستعجلات".
فاختصاص رئيس المحكمة الابتدائية في هذا الفصل ينصرف إلى الأمور التي تكتسي طابعا استعجاليا، إذ يسمح للمتضرر بأن يلجأ إليه لاتخاذ كل التدابير أو إجراء مستعجل للحفاظ على حقه من الضياع أو الاندثار في حالة اللجوء إلى القاضي العادي الذي يتصف ببطء يقتضيه حسن سير العدالة القائم على التروي و التثبت في بحث مزاعم الخصوم و ادعاءاتهم و دفوعهم.
فالقضاء الاستعجالي إذن هو قضاء من نوع خاص يمتاز بالسرعة و قصر الإجراءات و عدم المساس بأصل الحق، فهو قضاء يفصل في ظاهر الحال و يتخذ كل إجراء مؤقت أو تحفظي للمحافظة على حقوق الأطراف ريثما تبت محكمة الموضوع حسب قواعد المسطرة العادية .
و تبعا لكل هذا فإن الطرف الأول بالتنفيذ لا يدخل ضمن هذه الحالات و لا يكتسي صبغة الاستعجال.
أم بالنسبة للاتجاه الآخر القائل بأن الاختصاص المسند لرئيس المحكمة الابتدائية للبت في طلب الأمر بالتنفيذ يندرج ضمن اختصاصه بإصدار الأوامر المبنية على طلب كما ورد في الفصل 148 ق.م.م. فإننا لا نؤيده كذلك كمقتضيات هذا الفصل تنص على أنه:
"يختص رؤساء المحاكم الابتدائية وحدهم بالبت في كل مقال يستهدف الحصول على أمر بإثبات حال أو توجيه إنذار، أو أي إجراء مستعجل في أي مادة لم يرد بشأنها نص خاص، و لا يضر بحقوق الأطراف و يصدرون الأمر في غيبة الأطراف دون حضور كاتب الضبط بشرط الرجوع إليهم في حالة وجود أي صعوبة.
يكون الأمر في حالة الرفض قابلا للاستئناف داخل 15 يوما من يوم النطق به، عدا إذا تعلق الأمر بإثبات حال أو توجيه إنذار و برفع هذا الاستئناف أمام محكمة الاستئناف".
و اختصاص رئيس المحكمة في نطاق الفصل 148 ق.م.م. باتخاذ الأمور المطلوبة يستوعب عدة حالات و لا يحد منه، إلا ما في اتخاذه ضرر واضح على الخصم أو ما نظمته مسطرة خاصة كطلبات الأمر بالأداء التي سن لها المشرع مسطرة خاصة نظمها في فصول 155 -165 من ق.م.م.
لذلك فاختصاص رئيس المحكمة الابتدائية بإصدار أوامر التنفيذ بناءا على طلبات لا يدخل ضمن الاختصاصات المسندة إليه بمقتضى الفصل 148 و لا ضمن الاختصاصات المسندة إليه بمقتضى الفصل 149 من ق.م.م. و إنما مرده إلى نص خاص هو نص الفصل 320 من ق.م.م. الذي أسند إليه، هذا الاختصاص بصفته تلك أي بصفته رئيسا كما هو الشأن بالنسبة لبعض الاختصاصات المسندة إليه بمقتضى نصوص خاصة كاختصاص رئيس المحكمة الابتدائية للبت في طلبات الإحالة ضد أحكام حكام الجماعات و المقاطعات .
فما هي إجراءات استصدار الأمر بالتنفيذ؟
الفقرة الثانية: مسطرة استصدار الأمر بالتنفيذ و الجهة المختصة به:
كما سبقت الإشارة فإن أحكام المحكمين لا تكون صالحة للتنفيذ الجبري إلا إذا أصدر رئيس المحكمة الابتدائية الذي صدر في دائرة نفوذها أمر بإعطائها الصيغة التنفيذية و هذا الأمر يكون يطلب من أحد الأطراف و يودع إما المحكم أو من صدر الحكم لصالحه أصل الحكم في كتابة ضبط المحكمة التي أصدر رئيسها الأمر بتنفيذ حكم المحكم داخل أجل 7 أيام من تاريخ صدور الأمر بالصيغة التنفيذية، إلا أن مخالفة هذا الأجل لا يترتب عليه أي جزاء و يجب أن يوضع ضمن طلب الصيغة التنفيذية كذلك جميع أحكام المحكمين المتعلقة بالنزاع و لو كانت تمهيدية أو أمرت بأي إجراء عارض ما دام له تأثير على صدور الحكم، و للإشارة فإن مصاريف الإيداع يتحملها الأطراف و ليس المحكمين .

و المشرع المغربي في الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية يجعل الإجراء الذي يطلب به الأمر بتنفيذ الأحكام الأجنبية هو الدعوى أي أن الحكم الأجنبي و كذا حكم المحكمين لا يرتب أي أثر إلا بعد القيام بإجراء مسطري هو رفع دعوى للحصول على الصيغة التنفيذية و صدور الحكم من المحاكم المغربية بالأمر بالتنفيذ . و دعوى الأمر التنفيذ كباقي الدعاوي تخضع لنفس الشروط الذي يلزم أن تتوفر في أية دعوى كيفما كان موضعها و كيفما كان سببها، فلدعوى الأمر بالتنفيذ أطراف بعضهم يمثل الجانب المدعي و بعضهم الآخر يمثل الجانب المدعى عليه.
و لدعوى الأمر بالتنفيذ موضوع و هو قرار التحكيم المراد تنفيذه كما يشترط في طالب التنفيذ توافره على الأهلية و المصلحة و الصفة و هذه الشروط هي من متعلقات النظام العام، بالتالي فالمحكمة عليها أن تحقق من وجودها قبل دفع أو دفاع و الدعوى ترفع بموجب مقال افتتاحي.
و إذا كان تنفيذ قرار تحكيمي أجنبي خاضعا لاتفاقية متعددة الأطراف مثلا أن يكون خاضعا لاتفاقية البنك الدولي لتسوية منازعات الاستثمار، فإن هذه القرارات لا تتطلب تنفيذها أي مسطرة خاصة بالأمر بالتنفيذ فهي قابلة للتنفيذ بقوة القانون في الدول الأعضاء في الاتفاقية عن طريق تقديم نسخة من قرار التحكيم مصادق عليها من طرف المركز الدولي إلى رئيس المحكمة الابتدائية التي يريد المستفيد من قرار التنفيذ في دائرتها أو رئيس المحكمة التجارية إن كان القرار التحكيمي يكتسي صبغة تجارية .
أم إذا كان القرار التحكيمي الأجنبي يخضع مباشرة للقانون الداخلي المغربي و لا يخضع لأية اتفاقية فإن الفقه المغربي يجمع على أن الإجراء الذي يطلب به الأمر بتنفيذ قرار تنفيذي أجنبي في إطار القانون الداخلي هو تقديم طلب بذلك إلى رئيس المحكمة دون أن يصل الأمر إلى رفع دعوى بذلك إسوة بقرارات التحكيم الوطنية التي تديل بالصيغة التنفيذية عن طريق الأوامر على الطلبات لا عن طريق الدعوى .
أما بالنسبة إلى القضاء المغربي فإنه يميل إلى إخضاع مسطرة الحصول على الصيغة التنفيذية لقرارات التحكيم الأجنبية لنفس المسطرة المسبقة على قرارات التحكيم الوطنية، فقد جاء في قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 21/05/1985 أن المشروع المغربي لا يميز في باب التحكيم بين القرار التحكيمي الوطني و بين القرار التحكيمي الأجنبي من حيث المسطرة الواجب سلوكها للحصول على الصيغة التنفيذية.
إن القرار الوطني أو الأجنبي لا يصير قابلا للتنفيذ إلا بأمر من رئيس المحكمة الابتدائية بصفته و ليس بحكم صادر من محكمة الموضوع .
بالتالي فإن الإجراء الذي يطلب به الأمر بتنفيذ قرار التحكيم الأجنبي من خلال القضاء يقتصر على تقديم طلب بذلك إلى رئيس المحكمة بصفته تلك دون رفع دعوى بذلك.
أما الجهة المختصة بإصدار الأمر بالتنفيذ هي:
رئيس المحكمة الابتدائية الذي صدر في دائرة نفوذها حكم المحكمين أو الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف إذا تم الاتفاق على التحكيم بشأن نزاع معروض على هذه الأخيرة عن طريق الاستئناف و إذا تعلق الأمر بنزاع تجاري يهم المادة التجارية و أن رئيس المحكمة التجارية هو المختص في إعطاء الصيغة التنفيذية للقرارات التحكيمية حيث يمارس نفس الاختصاصات العامة الممنوحة لرئيس المحكمة الابتدائية و ذلك بمقتضى المادة 20 من قانون رقم 95-53 المحدث بالمحاكم التجارية بالمغرب .
هذا بالنسبة للاختصاص النوعي، أما الاختصاص المكاني فيعود لرئيس المحكمة التي صدر في دائرة اختصاصها الحكم التحكيمي بالنسبة لأحكام التحكيم الداخلية، أما بالنسبة للقرارات التحكيمية الأجنبية فإن الجهة المختصة مكانيا هو رئيس المحكمة التي يوجد في دائرتها موطن أو محل إقامة مدعى عليه تطبيقا للقواعد العامة، لكن في حالة عدم وجود موطن أو محل إقامة مدعى عليه في المغرب فإن طلب الأمر بالتنفيذ يرفع إلى رئيس المحكمة التي يتم تنفيذ القرار التحكيمي ضمن دائرتها.

الفقرة الثالثة: إمكانية الطعن في الأمر بالتنفيذ:
ورد بتعبير فصيح في نصوص القانون التحكيمي الفقرة الثانية من الفصل 32.327 قولها: الأمر بتخويل الصيغة التنفيذية غير قابل (للاستئناف) للطعن.
"الأمر بتخويل الصيغة التنفيذية غير قابل للطعن"
لم يفاجئنا المشرع بعبارته و تجاوزه لها في نصوص أخرى لأنه نص فيما سبق لهذه الصيغة بمنع الحكم التحكيمي أن يقبل أي طعن. خاصة في الفصل 319 من ق.م.م.
رغم تغيير هذا الفصل الوارد في قانون المسطرة المدنية عما جاء به في قانون التحكيم المعدل. إلا أنه بقي متشبثا في القانون الجديد بنفس فكرة الفصل 319 ق.م.م. ومع ذلك نجده يسمح بالطعن سواء بصفة مباشرة كما نص على ذلك بالنسبة لإعادة النظر و التعرض الغير الخارج عن الخصومة.
أما فيما يخص الاستئناف فإنه لم يرد ذلك مباشرة حيث إذا تمعنا في الفصل 32-327 في فقرته الأخيرة نجده يسمح بالاستئناف كطعن في الأمر المخول لصيغة التنفيذية و من أجل ذلك يكمن تصحيح الفقرة الأخيرة بما يلي: "غير أن الطعن بالبطلان المعروض على محكمة الاستئناف. يخول الطعن في الأمر بتخويل الصيغة التنفيذية بقوة القانون. أو رفعا فوريا للسيد رئيس المحكمة فيما إذا لم يكن قد أصدر أمره بعد.". (عوض النص الغامض في الجريدة الرسمية).
و نستنج مما سبق عرضه أن الطعن بالاستئناف في الأمر بتخويل الصيغة التنفيذية للحكم التنفيذي حسب الفصل 32-327 و 36-327 يكون في الحالات التالية:
- إذا بثت الهيئة التحكيمية دون اتفاق تحكيم أو استنادا على اتفاق باطل أو بعد انتهاء أجل التحكيم.
- إذا تم تشكيل الهيئة التحكيمية أو تعيين المحكم المنفرد بصفة غير قانونية.
- إذا بثت الهيئة التحكيمية دون التقيد بالمهمة مسندة إليها.
- إذا لم يتم احترام حقوق الدفاع.
- إذا كان الاعتراف أو التنفيذ مخالفا للنظام العام الدولي أو الوطني و هذه المقتضيات هي نفسها التي تسري على التحكيم الدولي. سواء فيما يتعلق بالطعن في الأمر بتذييل الصيغة التنفيذية أو الأمر بالرفض لتذييل الذي تم التطرق إليه و بالرجوع لبعض التشريعات نجدها لا زالت تسمح بالاستئناف مباشرة كان التشريع المغربي في القانون القديم و الذي أزيل في القانون الجديد ونورد بعض القوانين المقارنة على سبيل مقارنة فقط.
بالنسبة للقانون الجزائري:
يقبل القانون التحكيمي الجزائري طرق الطعن الآتية:
1) – الاستئناف:
المادة 455: يرفع الاستئناف عن أحكام التحكيم إما إلى المحكمة أو إلى المجلس القضائي و ذلك إتباعا لنوع القضية و ما إذا كانت تدخل في نطاق الاختصاص أي من هاتين الجهتين القضائيتين.
و تضبط بأحكام التحكيم القواعد المتعلقة بالنفاذ المعجل التي تطبق على سائر الأحكام.
المطلب الثاني: التماس إعادة النظر:
المادة 456: يطبق في شأن إعادة النظر في أحكام التحكيم القواعد المنصوص عليها في المواد من 194 إلى 200.
- و في كلا الحالتين لا يجوز الاستئناف و إعادة النظر في الحالات التي تدخل في إطار دعوى البطلان. المادة 458.
و هي: - إذا صدر الحكم بدون اتفاق التحكيم أو خارج نطاق التحكيم.
- إذا كان قد صدر عن تحكيم باطل أو بعد انقضاء مدة التحكيم.
- إذا صدر الحكم في غيبة الآخرين من أشخاص ليس لهم صفة محكم.
- إذا صدر الحكم من محكم لم يتبادل الرأي مع المحكمين الآخرين.
- إذا صدر الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم.
بالنسبة للقانون الأردني :
- لا تقبل أحكام التحكيم التي تصدر طبقا لأحكام هذا القانون الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن إلا برفع دعوى البطلان. و في حالات عددتها المادة 49 من قانون التحكيم الأردني. الصادر في 2001 تحت رقم 31.
الفقرة الأولى: الأمر الرافض بالتذييل:
1) إمكانية الطعن بالاستئناف:
يصدر الحكم التحكيمي بأغلبية الأصوات بعد مداولة الهيئة التحكيمية. و يجب على جميع المحكمين التصويت لفائدة مشروع الحكم التحكيمي أو ضده مع مراعاة أحكام الفقرة الثانية من الفصل 16-327. و تكون مداولات المحكمين سرية.
و بعد المداولة يجب إصدار الحكم متضمنا كل البيانات اللازمة لصحته حتى يكون جائزا لحجية الشيء المقضي به حتى يمكن تنفيذه.
و في حالة عدم خضوع المحكوم عليه للحكم و رفض تنفيذه فإن للطرف الآخر أن يطلب من رئيس المحكمة الموجودة بدائرتها مكان إبرام العقد، و التي كانت مختصة في نظر النزاع لو لا كان التحكيم.
و الرئيس في هذه الحالة عندما يوضع الحكم التحكيمي بين يديه. لا يقوم تلقائيــًا بتذييله بالصيغة التنفيذية بل لا بد من النظر في هذا الحكم من الناحية القانونية هل المحكم احترم المقتضيات القانونية كأن يكون مخالفا للنظام العام أو حكم هذا المحكم في أمور لا يختص بها التحكيم و آنذاك يقرر الرئيس هل يقوم بالتذييل أم يرفض ذلك.
و في غالب الأحيان يقوم الرئيس بتذييل الحكم بالصيغة التنفيذية لأن في أغلب الأحيان تحترم الهيئة المقتضات المتبعة في سلوك مسطرة صحيحة تؤدي إلى حكم فارغ من كل عيب.
لكن هذا لا يمنع من وجود بعض الحالات التي يمكن من خلالها رفض الرئيس التذييل بالصيغة التنفيذية للحكم.
و من خلال هذه المقتضيات ما هو الحل اللازم لهذا الأمر الرافض للتذييل بالصيغة التنفيذية. فهل يمكن للطرف المتضرر و هو الذي صدر الحكم لصالحه من أن يطعن في الأمر الرافض للتذييل أم يؤدي هذا الأمر الرافض إلى إلغاء الحكم التحكيمي أو بطلانه .

قبل حل هذه الإشكالية يتضح لنا إشكالية سابقة لها تتجلى في حالة وجود خطأ مادي أو غموض في الحكم أو خطأ في الحساب أو الكتابة أو أي خطأ من نفس القبيل وارد في الحكم.
في حالة تواجد هذه الإخلالات لا يكتسب الحكم التحكيمي حجية الشيء المقضي به إلا بعد تصحيحه من طرف الهيئة الصادرة للحكم نفسه.
لكن الإشكال يطرح عندما يستحيل الأمر على هذه الهيئة في حالة مثلا عدم إمكانيتها الجمع من جديد. أمام هذا الوضع الجديد يلتجأ من له المصلحة في ذلك إلى رئيس المحكمة بالأمر بتصحيح الإخلالات الواردة في الحكم. و الذي يجب عليه أن يبت في الأمر داخل أجل 30 يوما بأمر غير قابل للطعن.
و آنذاك يعتبر هذا الحكم الصادر بهذا الشأن جزءا لا يتجزأ من الحكم التحكيمي الصادر بهذا الخصوص أي التحكيم الأصلي.
لكن الإشكال أكثر حد المطروح في هذا الشأن، هو كيف يرفض الرئيس الأمر بالصيغة التنفيذية لحكم التحكيمي و هو الذي قام بتصحيحه و إزالة كل الإخلالات.
أمام هذا الوضع ليس على الرئيس إلا المصادقة على الحكم بالتذييل في حالة سلوكه هذه المسطرة. لكن الأمر يختلف إذا لم يسلك الرئيس هذه المسطرة و وصله الحكم آنذاك يمكن أن تكون السلطة التقديرية في التذييل من عدمه.
بالرجوع إلى المقتضيات التشريعية نجد نص بدل صراحة على أن أمر الرئيس الرافض للتذييل قابل للطعن بالاستئناف.
و هناك بعض الاستنتاجات الدالة على هذا المنحى تخول للطرف المتضرر حق الطعن في الأمر الرافض بالتذييل إذا كان هذا الأمر غير معللا، لأن المشرع جاء في الفصل 33 -327 من قانون التحكيم ينص صراحة على ما يلي: "يجب أن يكون الأمر الذي يرفض الصيغة التنفيذية معللا".
هذا من جهة و من جهة أخرى نجد المشرع كذلك خول للأطراف حق ممارسة هذا الطعن مباشرة. في الفقرة الثانية من الفصل السابق و التي تنص على ما يلي: "و يكون قابلا للطعن بالاستئناف وفق القواعد العادية داخل 15 يوما من تاريخ تبليغه و تنظر محكمة الاستئناف في هذه الحالة بناءا على طرف الأطراف في الأسباب التي كان بإمكانهم التمسك بها ضد الحكم التحكيمي عن طريق الطعن بالبطلان.
و يضيف الفصل: تبت محكمة الاستئناف في هذا الاستئناف طبقا لمسطرة الاستعجال."
و في حالة تطبيق المسطرة المدنية على هذا المنوال فإننا سوف نجد أنفسنا أمام مسطرة طويلة تمر بمراحل و هي:
أولا:قبول محكمة الاستئناف الدعوى على حسب ما ورد في الفصل السابق و بثها في الأمر بصفة استعجاليه.
إذا أمام هذا الوضع نقوم بافتراضات:
نفرض أن المحكمة رفضت الطعن بالاستئناف و أيده أمر الرئيس. ما هي السبل المتبعة أمام هذا الوضع؟ هل إلغاء الحكم أو حكم عليه بالبطلان. أم أن الطرف يلتجأ إلى وسيلة أخرى تخولها قانون المسطرة المدنية في الطعن في الأحكام؟
أمام هذا الوضع يلتجأ المدعي إلى محكمة النقض مقدما عريضة للنقض يشرح فيها سبب تشبثه بالحكم التحكيمي و مبينا العلل التي تشوب أمر الرئيس الرافض للتذييل.
و الدليل على ذلك هو ما جاءت به الفقرة الأخيرة من الفصل 38-327 و التي تقول ما يلي: "تكون قرارات محكمة الاستئناف الصادر في مادة التحكيم قابلة للطعن بالنقض طبقا للقواعد العامة."
إذن من خلال هذا النص يتضح جليا أن الطرف له الحق في سلوك هذه المسطرة. وفق الآجال المحددة فيها لأن المشرع لم يحدد أجلا مخالفا لقواعد العامة كما فعل في الاستئناف و بذلك تكون الإجراءات المتخذة في المسطرة المدنية هي نفسها المتبعة لممارسة هذا الطعن في مجال التحكيم.
أمام هذا الوضع يبقى حكم التحكيم معلق بما قد يقرره المجلس الأعلى في هذا الشأن.
إذا قرر مجلس الأعلى العكس، ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف فإن حكم التحكيم سوف يذيل بالصيغة التنفيذية و يصبح حيز إذن حائز لقوة الشيء المقضي به.
لكن إذا قرر المجلس الأعلى ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف و تكون بذلك موافقة لقرار رئيس المحكمة. فسوف نكون هنا أمام بطلان هذا الحكم.
و البطلان هو طريق الطعن التي تسود حكم التحكيم فما هو هذا البطلان و ما هي الحالات الواردة عليه و ها هي المسطرة المتبعة فيه.

• قبول دعوى البطلان:
[أمام وجود سابق لهذا سوف نتطرق إلى البطلان بصورة مقتضية، و نترك الإجابة على موضوع حكم التحكيم.]

- يشترط قبول هذا الطعن:
أولا: بعد صدور الحكم التحكيمي
ثانيا: أن يقدم هذا الطلب في ظرف 15 يوم من تاريخ تبليغ الحكم التحكيمي.
ثالثا: أن يكون هذا الحكم مذيل بالصيغة التنفيذية.

- حالات قبول الطعن:
أولا: صدر الحكم في غياب اتفاق التحكيم أو بعد فوات الأوان .
ثانيا: تعيين المحكم بصفة غير قانونية
ثالثا: خروج الهيئة عن الإطار المحدد لها.

رابعا: عدم احترام حقوق الدفاع.
خامسا: صدور الحكم مخالف للنظام العام.
و بغض النظر عن الطعن بالبطلان في حكم التحكيم نجد الطعن بالاستئناف إتباعا لما سبق يمكن أن يأتي قبل هذا الطعن أو مساوي له في التقديم.
بمعنى أن الرئيس في هذه الحالة إذا يذيل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية يمكن للطرف أن يطعن كذلك بالاستئناف في هذا الأمر عوض الطعن بالبطلان، و يكون هذا الطعن عندما يكون الحكم صحيحــًا لا يتضح منه حالات البطلان إلا أن الطرف المتضرر يدعي بعدم مصداقية هذا الحكم فيطعن في الأمر الصادر من الرئيس بتذييل المحكمين لكن يبقى هــذا من وجهة نظر فقط.

الفقرة الثانية : إمكانية الطعن بالنقض في قرارات محكمة الاستئناف:
بالرجوع إلى الفقرة الأخيرة من الفصل 38-327 من قانون التحكيم نجدها تقول: "تكون قرارات محكمة الاستئناف الصادرة في مادة التحكيم قابلة للطعن بالنقض طبقا للقواعد العادية.".
يستنتج من هذه الفقرة أن المشرع يسمح بالطعن بالنقض في كل قرارات محكمة الاستئناف. لكن الإشكال المطروح في تحديد أنواع هذه القرارات. هل يقصد المشرع بهذه العبارة الأوامر الصادرة عن المحكمة في صفة رئيسها الأول. أم أن المشرع يقصد كل الأحكام الصادرة عن المحكمة سواء تعلق الأمر بمحكمة الموضوع أم تعلق الأمر بالأوامر الصادرة عن الرئيس بصفته قاضي للأمور المستعجلة.
بداية و لتسهيل الأمر أو توضيحه يمكن تحديد أولا الأمور التي لا تخضع لطعن بالنقض و التي كان المشرع فيها صريحـــًا أو ضمنيــًا :
- و بالنسبة لتحديد الأتعاب: في حالة اختلاف الأطراف و المحكمين حول تحديد الأتعاب يكون قرار الهيئة في هذا المضمار قابل للطعن بالاستئناف أمام رئيس المحكمة المختصة الذي يكون قراره في هذا الموضوع نهائيا غير قابل لأي طعن.
- طلب التصحيح المخول لرئيس المحكمة عندما يستعمل على الهيئة التحكيمية الاجتماع من جديد غير قابل لأي طعن.
- و كذلك الأمر بتخويل الصيغة التنفيذية غير قابل لأي طعن.
هذه الأمور قد حسم فيها المشرع بحيث منع أن تخضع لأي طعن سواء بالطرق العادية أم الطرق الغير العادية، و ليست في الأمور السابقة أي إشكال يذكر. لكن هناك أمور أخرى غير واضحة المعالم سكت عليها المشرع و لم يبين إذا ما كانت قابلة للطعن بالنقض أم لا؟
الفصل 32-327 ينص على ما يلي: "الأمر بتخويل الصيغة التنفيذية غير قابل لأي طعن" و رغم ورود الفصل 32 -327 باستثنـــاء بالطعن فيه بالبطلان إلا أنه محدد طبقا لحالات محددة عن طريق الحصر. و هو ما حدده الفصل 36-327 و الذي استهل ب: "رغم كل شرط مخالف تكون الأحكام التحكيمية قابلة للطعن بالبطلان طبقا للقواعد العادية أمام محكمة الاستئناف التي صدر في دائرتها الحكم"
ـ و من هنا نستخلص أن هذه الحالات تقبل الطعن لأن هذه الحالات تقبل الطعن بالنقض و ذلك يتضح من خلال الجملة الأخيرة "... طبقا للقواعد العادية..." و من تم يمكن للطرف المستأنف عليه و الذي يصدر الحكم في غير صالحه أن يطعن بالنقض فيه.
خاصة أن المحكمة لها أحقية البت في الطعن بالبطلان من تلقاء نفسها، إذا تضمنت الحكم ما يخالف النظام العام .
و في مجمل ما سبق الإشارة إليه يتضح أن الطعن بالنقض يكون في الأمور التالية:
- الأمر الرافض لتذييل الأحكام بالصيغة التنفيذية.
- الأحكام التي تبطل الحكم التحكيمي بدعوى البطلان.
- الأمر الصادر عن رئيس المحكمة بدون تعليل.
- الطعن بالنقض في الحكم الفاصل في طلب إعادة النظر مما يجعل هذه الأمور تخص لمقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 38-327. و أمام هذا التوضيح يبقى الإشكال المطروح حول المسطرة المتبعة.
ما دام المشرع يسند في جميع فصوله إلى القواعد العامة، بالطبع تطبق مسطرة المدنية الخاص أمام المجلس الأعلى في هذا الشأن الفصول من 354 إلى 366.
حينما يصبح الحكم نهائيا غير قابل لأي طعن نجد المحكوم عليه مجبر بتنفيذ الحكم لكونه حائز بقوة الشيء المقضي به ونميز بين الحكم الحائز لحجية الشيء المقضي به، والحكم الحائز لقوة  الشئ المقضي به و قبل التطرق إلى هذا سنقوم بعرض تفرقة بين الأحكام بمختلف أنواعها :
- الأحكام الحضورية: يعني حضور الخصوم الحضور المادي و الشخصي لهم أو لوكلائهم أثناء الجلسة.
- الأحكام الغيابية: في حالة عدم حضور المدعى عليه أو وكيله أو لم يقدم مذكراته على ادعاءات المدعي، فإن الحكم يصدر غيابيا و يجوز أن يطعن فيه بالتعرض.
- الأحكام الابتدائية: هي الأحكام التي تصدر عن المحاكم الابتدائية و تكون قابلة للاستئناف.
- الأحكام الإنتهائية: فهي التي لا تقبل الاستئناف و لكن تقبل الطعن بالنقض.
- الأحكام النهائية : فهي التي لا تقبل أي طرق الطعن سواء عادية أو غير عادية.
- الأحكام الحائزة لقوة الشيء المقضي به: كافة الأحكام النهائية أي أنها غير قابلة لأي طعن.
- الأحكام الحائزة لحجية الشيء المقضي به: كافة الأحكام الإنتهائية أي أنها غير قابلة للطعون العادية لكن تقبل الطعون الغير العادية كالنقض و التعرض الغير الخارج عن الخصومة و إعادة النظر.
و لكن هناك خلاف فقهي حول هذه التعاريف خاصة فيما يخص الأحكام الحائزة لقوة الشيء المقضي به و الأحكام الحائزة لحجية الشيء المقضي به.
و نجد أن المشرع المصري لا يميز بين حجية الشيء المقضي به و قوة الشيء المقضي به بحيث يعتبر أن حجية الشيء و ما يقصد به من قوة تمنع إعادة عرض ما فصل فيه من نزاع من جديد على القضاء إلا إذا كان ذلك بطريق طعن يقرره القانون.

الفقرة الثالثة : وجهة نظر:
بداية يمكن القول أن نصوص المنظمة لقانون التحكيم حتى منذ ظهير 12/8/1912 المنظم لقانون التحكيم في الفصول 529 إلى 543 و مرورا بظهير 28/9/1974، الذي نظمه كذلك في الفصول 306 إلى 327 و نسخه بقانون رقم 05-08 إلا أن المشرع لم يعطي لقانون التحكيم حقه في التنظيم و لا في الاستقلالية عن القضاء و لا حتى تحقيق الغاية.
فيعاب على المشرع في كونه يفقد في نصوصه التنسيق و الانسجام فتارة يعلن بصفة قطعية و صريحة على أن التحكيم لا يقبل الطعن (فصل 319 من ق.م.م.) و تارة أخرى يجد نفسه ينظم في طرق الطعن و يحدد الآجال بدون أن يشير إلى ذلك باعتباره استثناء عن المبدأ. (فصل 320 فقرة 2. و فصل 321 الفقرة الأخيرة ق.م.م).
و لم يستفد المشرع المغربي من الثغرات السابقة في قانون المسطرة المدنية رغم قول بعض الفقه أن المشرع أجاب عن العديد من الإشكالات التي كانت تطرح سابقا. إلا أن هذا القول غير مرتكز على أساس.
صحيح أن هناك تعديلات إلا أن هذه التعديلات لا تمد للتحكيم بصلة. فمثلا إلغاء الاستئناف كطريق من طرق الطعن أو السماح به أو تعويض بالبطلان ليس تعديلا في حد ذاته إنما هو إشكال مضاف إلى الإشكال السابقة.
فطرق الطعن كاملة لا يجب أن تكون بالكامل في حكم التحكيمي. فالمشرع حينما قال: "الحكم التحكيمي لا يقبل أي طعن كان على صواب لكن الخطأ عندما سمح بحالات منها و لم يمنح للهيئة التحكيمية أن تقوم بتصحيح ذلك الخطأ أو العيب أو أي إخلال في الحكم.صحيح أن سمح للهيئة التحكيمية في الفصل 28-327 بأن تقوم تلقائيا أو بناء على طلب بتصحيح كل خطأ مادي أو في حساب أو تفسير الحكم أو إصدار حكم تكميلي إذا اقتضى الأمر ذلك لكنه أخطأ عندما أدخل اختصاص الرئيس حتى في التصحيح.
و الخطأ الكبير للمشرع عندما سمح لرئيس المحكمة بان يصد حكم تكميلي إذا استحال على الهيئة التحكيمية الاجتماع من جديد.
فالرئيس في هذه الحالة إذا أراد أن يصدر حكم تكميلي للحكم السابق فلا بد له من أن ينظر في النزاع أي جوهر الموضوع و أمام هذه الحالة يجد نفسه تخطى صلاحية الرئيس بصفة قاضي للأمور المستعجلة، الذي له الحق في البث في طلب يتسم بالاستعجال و دون أن يمس الجوهر.
فهل المشرع هنا وسع اختصاصات الرئيس أم أنه سهوا منه. إن المشرع لا يفعل ذلك سهوا أو توسيعا للاختصاص و إنما هو تحصيل حاصل.
فالتشريعات كلها غير واعية بأهمية و طبيعة التحكيم و الدليل على ذلك نجد أن التشريعات منها من تأخذ بطرق الطعن كالاستئناف مثلا، و منها من لا تأخذ  بها و تأخذ بالطعن بالبطلان و منها من تأخذ بالإلغاء أو بطرق الطعن الغير العادية.
و من هنا يتبين أن اختلاف التشريعات لا ينصب على اختلاف قانون التحكيم من بلد إلى آخر و إنما هي نفسها تختلف حسب فهم و إدراك طبيعتها.
إن التحكيم ذو طبيعة واحدة قانون يهدف إلى التقليل من الإجراءات و تجاوز التماطل الذي نجده في القضاء العادي، إضافة إلى أنه يهدف إلى حماية سرعة المعاملات التجارية، لأن التحكيم يساير المعاملات التجارية في كل جوانبه و أهدافه.
فإذا أراد المشرع بأن يسلك أطراف النزاع إجراءات مختصرة فالمحاكم التجارية حتى تختلف عن قواعد القانون المدني. فيجب عليه أن يفتقر فقط على المحاكم التجارية دون أن يزعج نفسه بطريق أخرى نجدها تسلك نفس المسطرة إذا أراد أن يبقي على التحكيم بالطرق الطعن حتى و لو كان يسمح فقط بإعادة النظر.
و لا يقتصر الأمر على طرق الطعن فقط إنما نظيف كذلك الطعن بالبطلان كذلك. فهذا البطلان الذي سماه المشرع و صنفه ضمن طرق الطعن فتضيفه باطل بسماح البطلان و تسميته.
فهذا البطلان يجب أن يسري على المشرع و ليس على حكم التحكيمي. و الدليل على ذلك سوف نبينه فيما يلي:
بداية فطبيعة البطلان تنكر كل سلطات المحكم للفصل في النزاع. فالمشرع حينما منح 6 أشهر إن لم يتم تحديد مدة التحكيم و يمكن ان تمدد هذه المدة أي قد تصل سنة. فكيف يمكن للأطراف النزاع الذي لهم حق في مدة سنة كي يثبت كل واحد على حدة ما يجلب له المصلحة في الحكم و تأتي هيئة التحكيم بعد اتخاذ مجموع من الإجراءات و التدابير من أجل إصدار حكم نأتي في الأخير و نقوم ببطلانه هذا غير مستساغ.
و حتى إذا كان هذا الحكم معيبا لكونه يصدر عن بشر و البشر معرض للخطأ مهما احتاط، فلا يعني هذا أن نقوم ببطلانه لأن إبطال هذا الحكم قد أخرجنا عن الغاية التي جعلت الأطراف تذهب إليه عوضا عن المحكمة العادية.
ففي حالة وجود عيب في الحكم فيجب إعادته إلى الهيئة قد تقوم بتصحيحه سواء كان الأمر يمس المستندات المدلى بها أو الهيئة التحكيمية أو كان الحكم يمس النظام العام. فكل شيء قابل للإصلاح.

هذا من جهة أم فيما يخص طبيعة البطلان في حد ذاته فنجده يحمل في طياته طابعا تقليديا و طابعا عقديا أي أننا عندما نطبق البطلان على حكم التحكيمي نصنف هذا الحكم و كأنه عقد أي ليس له طابع قضائي أي أنه ليس حكم.
و يكون بذلك باطلا عندما يبطل أحد شروطه و أركانه الضرورية لقيامه صحيحا و هذا بعيد كل البعد عن الغاية من التحكيم و القيمة القضائية التي يجب أن يحظى بها.
صحيح أن التحكيم مبني على مبدأ سلطان الإرادة و هو الذي يعطي اتفاق الأطراف القيمة القانونية و الطابع الملزم لهما على أساس اتفاق التحكيم أو عقد التحكيم. لكن لا يجب أن نقف عند هذا الحد و نظل نتمسك بمبدأ سلطان الإرادة و العقد شريعة المتعاقدين. بل يجب أن نتجاوز ذلك لأن التحكيم غايته تتجاوز ذلك.
فغاية التحكيم لا تقتصر على مبدأ سلطان الإرادة في إطار عقدي و إنما غاية التحكيم بالنسبة لسلطان الإرادة في إطار معاملاتي.
ماذا نعني بمعاملاتي؟
أمام توسع مفهوم المعاملات التجارية و إزاحة كل الحدود في وجهها و أمام تداخل المعاملات الخارجية بما هو داخلي نجد العديد من المنازعات قد تكون سببا في تداخل العديد من القوانين الداخلية و الأجنبية و نكون بذلك أمام تنازع القوانين و في إطار القانون الدولي الخاص.
لكن التحكيم قد يخلصنا من كل هذه الإشكالات و التداخلات حيث نعطي للأطراف حق الاختيار أي اختيار القانون الواجب التطبيق. و هنا يلعب دور مبدأ سلطان الإدارة دوره ليس فيما سبق ذكره.
و بالرجوع إلى بعض الفقهاء الذين يعتبرون أن البطلان هو طريق اتخذه المشرع كرقابة على الأحكام، فإننا نقول يمكن تجاوز ذلك بطرق أخرى غير ما سبق.
لأن المشرع إذا أراد أن يضع رقابة بعدية على الأحكام فيجب عليه بالأحرى أن يضع رقابة قبلية، حتى لا يذهب جهود الهيئة التحكيمية سدى و يتضمر أمل المتنازعين، الذين كانوا يأملون في حل النزاع بالطريقة التي اختاروها و هي التحكيم.
ليعودا في الأخير خائبين إلى القضاء العادي يسلكون المسطرة من جديد، فيجدون أنفسهم أنهم أرادوا أن يختصروا الوقت فأطالوه.
و للخروج من هذا المأزق يجب على المشرع إعطاء سلطة لمؤسسة التحكيم في التنظيم و الإشراف على النزاعات التي يعرضونها الأطراف على الهيئة التحكيمية:
- عرض النزاع على مؤسسة التحكيم من أجل البث في الاختصاص.
- بعد اتفاق التحكيم تشرف مؤسسة التحكيم على سير الإجراءات ضمانا لصحتها كرقابة قبلية.
- إشراف مؤسسة التحكيم على هيئة التحكيم التي تصدر الحكم رقابة عليها حتى لا يكون الحكم مخالفا للنظام العام أو مشوب بخلل يؤدي إلى بطلانه.
- إشراف مؤسسة التحكيم على إعادة تصحيح الحكم التحكيمي في حالة وجود خطأ مادي أو في الحساب أو غموض النص أو إصدار حكم تكميلي.
- تبقى مؤسسة التحكيم هي المسؤولة على تعيين هيئة تحكيم جديدة في حالة ما استحال على الهيئة السابقة الاجتماع من جديد.
و أمام إعطاء هذه المعطيات يمكن الارتكاز عليها لتأسيس نظام تحكيم جديد سليم في غايته بعيد عن تدخل القضاء سريع في قراراته و أحكامه ذات حجية و قوة إلزامية في تطبيقه متجاوزا بذلك التماطل الذي يحصل إذا ما انتقل النزاع إلى المحاكم العادية.