كود ذكر المصدر

الراديو

...

كود مشاركة المواضيع في الفيس وتويتر

اخر الاخبار

اترك رسالتك

تحديث

.

.

.

.

النموذج الأردني في التعامل مع التحديات ـــ بقلم المستشارة / ميرفت لاحمد



النموذج الأردنـــي فــي التعــــامل مع التحـــديات


بقلم المستشارة / ميرفت لاحمد

محكم دولي فئة ج

عضو نادي قضاة التحكيم الدولي بالأردن


     تمر الشعوب وعلى مر التاريخ بمراحل مفصلية وأزمات مختلفة خصوصا السياسية منها، ونجاج الدولة في اجتيازها أو تحويرها لمصلحتها أحيانا معتمد على قدرة الدولة في الاستعداد لما قد يحدث والتعامل مع ما حدث بالفعل.. ولا أحد يستطيع أن ينكر نجاح الأردن في التصدي للأزمات الكثيفة والمتعاقبة في منطقة ملتهبة في جميع الاتجاهات. فالأردن بات الملاذ الآمن والوحيد في منطقة مثقلة بالأوجاع فدول الربيع العربي باستثاء تونس والتي انحرفت عن المسار الذي قام عليه الربيع العربي مهددة بالانقسامات والويلات. والأمر مقلق بالنسبة لتداعيات الوضع على الأردن في شتى المجالات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية ... فالوضع المأساوي في سوريا واحتضان الأردن للعديد من اللاجئين السوريين، بالاضافة الى الوضع الدموي في العراق، وحدودها الطويلة مع اسرائيل، واضطرارها للتعامل مع الملف اليمني.كل كل ذلك يشكل ضغوط كبيرة على كاهله، والأردن بين ذلك كله معني في تحسين علاقته مع دول الجوار وسورية مستقبلا، وتحسين علاقته مع الغرب كذلك والذي تربطه به العديد من المصالح الاقتصادية، ويحاول الأردن عمل حالة من التوازن مع هذه الصرعات المختلفة والحفاظ على الداخل في الوقت ذاته. وبالرغم من قوته في السيطرة قدر الامكان على الوضع الداخلي بطريقة مدورسة وممنهجة الا أنه لم يلغي انسانيته في سبيل ذلك .. فبالرغم من التبعات الاقتصادية والتي قد تؤثر على الخطط التنموية المستقبلية الا أنه حاول أن يجمع قدر الامكان ما بين المصالح الداخلية وبين عدم التفريط في المبادئ التي تربى عليها الشعب الاردني، وتعامله مع اللاجئين السوريين بالرغم من التبعات الناتجه عن استقبالهم خير دليل على ذلك. وأما فيما يتعلق بالنسيج الداخلي فقد ساعدت حكمة القيادة الأردنية ومرونتها في التعامل مع المتغيرات في توحيد الداخل يد بيد مع قيادتها وحكومتها من خلال اعطاء المواطن فسحة للتنفيس عما بداخله والاستماع لرغباته واحترامها، والتقرب اليه أكثر والبعد عن استفزازه كما حدث في العديد من الدول، بالاضافة إلى تعامل الأردن بجدية مع قضية الاصلاح وادراكه للتحديات التي تواجهه بما فيها قوى الشد العكسي، ماخذا بعين الاعتبار ترتيب الألويات ورسم خارطة زمنيه للبرامج التنموية محاولا الموازنة ما بين ذلك كله ووبين كون الأمن الداخلي الأردني على قائمة اهتمامتها وأولوياتها. وقد أقام الأردن بمثابة الربيع الأردني الخاص به والذي هدف إلى افراز ديمقراطية متجددة تقوم على ثلاث ركائز وهي :"الترسيخ المتدرج لنهج الحكومات البرلمانية، تحت مظلة الملكية الدستورية، معززا بمشاركة شعبية فاعلة أو ما تم وصفه ب المواطنة الفاعلة"* وقد استطاع الأردن بالرغم من كل الظروف المحيطة به تحقيق العديد من الانجازات واخراجها لأرض الواقع، ماخذا بعين الاعتبار رغبات وحاجات ابناءة ، ففي المجال التشريعي قام بتعديلات دستورية تعمل على ترسيخ الضوابط العملية لمبدىء الفصل والتوازن بين السلطات في الوقت ذاته، وتعمل هذه التعديلات على التأكيد على تعزيز الحريات ، بالاضافه الى ذلك فقد تم وضع مجموعة من التشريعات الجديدة الناظمة للحياة السياسية، كما وقامت بقانون معدل لقانون محكمة أمن الدولة والذي يحصر اختصاصها في جرائم الخيانه والتجسس والارهاب والمخدرات وتزوير العملة.* وفيما يتعلق بالانجاز المؤسسي فقد قامت باستحداث مؤسسات جديدة تعزز من مبدأ الديمقراطية وتعمل على تفعيله كإنشاء محكمة دستورية تختص بتفسير نصوص الدستور والرقابة عليه، وانشاء هيئة مستقلة للانتخابات بالاضافة لتأسيس مجلس النواب مركزا للدراسات والبحوث التشريعية، علاوة على محطات التطور الخاصة بأطراف المعادلة السياسية*، والتي أكدت من خلالهاعلى الأدوار و المسؤوليات الوطنية لكل من أطرافها. علما عدد مؤسسات المجتمع المدني قد تضاعف خلال الأعوام الماضية حتى وصل إلى أكثر من٦٠٠٠ مؤسسة عام ٢٠١٤م*، وهذا كله ساعد في الحفاظ على التماسك الداخلي قدر الامكان وعدم الانجراف وراء الموجة التي أخدت في طريقها شعوب العديد من الدول. وقد تعاملت القيادة الأردنية بمنتهى الذكاء مع المنعطفات التي مرت بها فقد لعبت دور الصديق الحميم والمستمع الجيد لهموم شعبها بعيدا عن الغطرسة والغرور والذي الذي اطيح بالكثير من الدول بسببها. فقد استطاع الأردن وبالرغم من المرحلة الزمانية والمكانية الحرجة أن يحافظ على الأمن الداخلي والجبهة الداخلية متماسكة قدر الامكان. ولذا يجب أن يوضع الأردن موضع بحث للاستفادة من تجربته فيما يتعلق في التعامل مع الازمات التي تعرض لها ولا أحد ينكر الدور الأمثل لادارة الدولة ابتداء من رأس الهرم المتمثلة في القيادة الحكيمة للدولة. تبقى التجربة الأردنية وسياستها هي الأقوى والأمثل في التعامل مع المتغيرات المتسارعة والتي من الضروري لبقية الدول العربية الاستفادة منها في المراحل المستقبلية .

 * الورقة النقاشية الخامسة من أوراق للنقاش الموقع الرسمي لملك الأردن